تحضير دروس ونصوص باكالوريا اداب أتباع بناءِ القصيدة القديمة في القصائد الحماسية على موقع شرح نص بكالوريا آداب تعليم تونس
أتباع بناءِ القصيدة القديمة في القصائد الحماسية
أتباع بناءِ القصيدة القديمة في القصائد الحماسية
الاستهلال الطللي في قصائد الحماسة : نهج شعراء الحماسة نهج القدامى في استهلال القصائد ذات الطابع الحماسي
بالوقوف على الأطلال والبكاء على الدمن . فهذا المتنبي يستهلُّ أولى مدائحه الحماسية في سيف الدولة استهلالا طلليا فيقول :
وفاؤكما كالربع أشجاه طاسمه *** بأن تسعدا و الدمع أشفاه ساجمه
و افتتح أبو تمام مدحية له في أبي سعيد الثغري بالوقوف على الأطلال فقال :
حتّام دمعك مسفوح على الدِّمَنِ *** بانوا و شوقك لم يظعن و لم يَبِنِ
ثمّ ذكر رحلته إلى الممدوح ، ثمّ انخرط في المدح الحماسي. و لم يتبعوا هذه السنة في افتتاح القصائد بالوقفة الطللية إلا
لأنَّ مجاراة القدامى في هذه الحلبة كانت دليلا على الفحولة الشعرية
التجديد في استهلال :
غالبا ما عدل الشعراء عن هذه المقدّمة التقليديّة ، فنوّعوا مقدماتهم ، و جاؤوا في مستهل قصائدهم بالحكمة كقول أبي تمام في مدح المعتصم :
السيف أصدق إنباء من الكتب *** في حده الحدّ بين الصدق و الكذب
وقال المتنبي في مدح سيف الدولة الحمداني :
على قدر أهل العزم تأتي العزائم *** و تأتي على قدر الكرام المكارم
وهي حكم يستخلص الشعراء مضامينها من الحدث الذي تخلِّده قصيدة المدح الحماسي ( فتح عموريّة – تحرير قلعة
الحدث من أيدي الروم.) وهذا النوع من المقدمات فيه إيحاء بأهمية الحدث الباعث على إنشاء القصيدة ؛ و هو أكثر
إثارة لاهتمام المتلقي ، و لفتا لانتباهه من المقدمات التقليدية ( الطللية أو الخمرية او الغزلية) التي غالبا ما تكون مصطنعة ، مفتقرة إلى الصدق
وقد يهجم الشاعر على الغرض بدون مقدمات كما فعل ابن هانئ في مدح المعزّ :
ما شئت لا ما شاءت الأقدار *** فاحـكـم فأنـت الواحد القـهَّـار
فبدأ بتعظيم الممدوح ورفع مشيئته فوق مشيئة القدر، استعدادا للإشادة بمنجزاته العسكرية ، و أعماله البطولية ،
والهزائم التي ألحقتها جيوشه بالروم و بالقرامطة في الشام. وهذا أنسب للمدح الحماسي من المقدمات القديمة
أما المراثي الحماسية فجاءت في معظمها تقليدية البناء : تفجُّعٌ ، ثم تعظيمٌ لمصيبة فقد المرثي ، ثم تأْبِينٌ بذكر مناقبه ،
ثم تصبُّرٌ و تأسٍّ . و من أحسن المراثي الحماسية الخاضعة لهذا البناء مرثية أبي تمام في خالد بن يزيد بن مزيد الشيباني
أحد أشهر ولاة العباسيين على أرمينية و أشجع قادتهم ؛ و مطلعها:
نَعَاءِ إِلى كلِّ حيٍّ نَعاءِ – _ – فَتى العربِ اخْتَطَّ رَبْعَ الفَناءِ
وقد اشتملت على مقطع حماسي عدَّد فيه الشاعر مناقب المرثيِّ ، و خصاله الحربية ، و أعماله البطولية
و أما قصائد الهجاء التي تحمل طابعا حماسيا ، فتكون في الأعمِّ الأغلب بلا مقدمات كقول أبي تمام في هجاء عيسى بن
يزيد الجلودي الذي كان واليا على مصر فظلم الناس وزاد عليهم في خراجهم فحاربوه وهزموه :
قل للجُلُوديّ الـذي يدُهُ *** ذهـبـتْ بمالِ جُنودِه شَعْـبَا
الله أعطاك الهزيمةَ إذْ *** جَذبَتْكَ أساب الرَّدَى جَذْبَا
فالشاعر الذي يفيض قلبه غيظا على المهجوّ انخرط في الهجاء دون مقدمات و كأنه يصب جام غيظه و غضبه عليه