أولى ثانوي على:إنتاج كتابي التّناصّ في الغزل للسنة 1 ثانوي تعليم تونس
التّناصّ في الغزل – موقع شرح نص يقدم لكم كل ما يهم من شرح نصوص للسنة اولى ثانوي
مواضيع انشاء بحوث وحجج تلخيص الدروس وبحوث جاهزة للسنة اولى ثانوي
الموضوع في ‘إنتاج كتابي
إنتاج كتابي التّناصّ في الغزل
فن الغزل هو الفن الأول الذي لهج به لسان الشاعر منذ القديم، فأولع بالمرأة ومفاتنها ومحاسنها، لذا فقد جاءت قصيدة الغزل في أرقى أنواع الشعر الغنائي، لأن قائلها صادق التعبير، ومطبوع على الوفاء، وألفاظها تنساب من شفتيه كانسياب الشَهْد على شفاه الغواني.
ومما لا شك فيه، أن المرأة عند العربي تعد مصدر اللذة بكل أنواعها الحسية والروحية، فنراه يضفي عليها ظلال المحبة والولاء، وقد يشعل حرباً في سبيلها، لكن هذا الغزل ضلَّ سبيله، وطرأت عليه بعض التغيّرات عند بعض الشعراء، ولاسيما في العصر العباسي، عندما تطرق الشعراء الى موضوعات غزلية شاذة، مثل «غزل الغلمان» نتيجة دخول مصادر خارجية، بعيدة كل البعد عن صلب موضوعات الشعر العربي الأصيل.
ما يهمنا في هذه المقالة، هو تحولات التجربة
في فنية القصيدة الغزلية، حيث نرى ظهور مدرستين للغزل:
– الأولى، تمثل غزلاً ذا لذة حسية، من روادها /عمر بن أبي ربيعة/.
– الثانية، تمثل غزلاً ذا لذة روحية، ومن روادها جميل بثينة.
فلنبدأ أولاً، بقصيدة الغزل ذات الطابع الحسي، ولنأخذ الشاعر/ عمر بن أبي ربيعة/ أنموذجاً.
يعد عمر بن أبي ربيعة من أوائل الذين رسموا معالم المتعة الحسّية في القصيدة الغزلية العربية، لأن النساء اللواتي تغزّل بهن عربيات، وبذا أعاد الى “المرأة العربية” نجمها الساطع، وبهذا يقول د. “طه حسين”: «والمؤرخ الذي يريد أن يدرس حياة المرأة العربية المترفة في هذا القرن الأول… يجب أن يلتمس هذه الحياة في “شعر عمر بي أبي ربيعة”، فلن يظفر في مصدر آخر من مصادر الأدب والتاريخ بمثل ما يظفر به في هذا الشعر..
فشاعرنا كان رجلاً مترفاً غنياً من أرومة قريش، يقتنص اللذة أينما وجدت، وقد أعطى لعالم العواطف والأهواء والرغبات الأولوية في حياته ،كما قال عنه أدونيس، حتى إنه كان يخرق قيم المجتمع الدينية آنذاك مثله مثل امرىء القيس الأنموذج الذي كان يخرق نظام القبيلة وقيمها السائدة، فهما بهذا المعيار يلتقيان في الخروج على النموذج الأخلاقي السائد، وحتى قولهم المعاني الاباحية.
وبهذا عدّه – طه حسين – رئيس مذهب في الغزل الاباحي، لأن غزله لم يكن في الهواء، وانما يعيش على هذا المجال الأرضي، بينما – جميل بثينة – رائد الغزل العذري ذو النزعة الروحية، لم يكن يطمح إلا إلى المثل الأعلى وأصل الجمال كما هو. فقيمة المرأة عند عمر بن أبي ربيعة تكمن في شكلها أولاً.
إن الحب عند ابن أبي ربيعة قدر لا مناص منه، لأنه أزلي، وهو مخلوق لأجله، فهو دائم الاشتياق إلى حبيبته «نُعم» لا يكف قلبه عن دواعي الوجد والحرقة:
ولا قرب نعم – إن دنت – لك نافع ولا نأيُها يُسلي، ولا أنت تصبر
فشعره جاء ممزوجاً بين أصالة الغزل الجاهلي وحداثة العصر الأموي.
ومهما يكن من أمر، فإن تجارب عمر أكسبته معرفةً واسعة بنفسية المرأة، ومهارةً فائقة في مخاطبتها، وخبرة كبيرة في ارضائها، يقول:
فيالك من ليل تقاصر طوله وما كان ليلي قبل ذلك يقصرُ
ويالك من ملهى هناك ومجلس لنا لم يكدّرهُ علينا مكدِّرُ
من هذين البيتين نرى أن عمر بن أبي ربيعة جعل الليل المكان الزماني، وبذا أعطى للحظة قيمة الاستمتاع الجمالي. ومن هذا المنظار يرى أدونيس أن العلاقات الحميمية بين الرجل والمرأة وما يصاحبها… تترك ظلالاً إنسانية مقدسة في الروح، ويعتبرها أعظم لذة على الأرض، وبهذا المعنى كان غزل /عمر بن أبي ربيعة/ الذي ترك ظلاله على خلفية من تغزل بهن.
أما قصيدة الغزل ذات الطابع الروحي، فيمثلها – جميل بثينة .
إن غزل جميل بثينة الروحي، جاء نتيجة الحكم الأخلاقي الممزوج بالطابع الديني، فكبت الشهوة الجنسية في القصيدة الغزلية ذات الطابع العذري يرجع إلى عادات وعقائد دينية ذات سلوك صوفي قائم على التعفف، فالشاعر جميل يرفض اللذة الحسية ويعدّها لذة جزئية، ويُقبل على اللذة الروحية لأنها دائمة وهي نبع لا ينضب. فالمرأة ضمن المنظور الإسلامي تجلب للرجل اللذة والمتعة ولكن ضمن شروط الحلال القرآني، وبهذا أكد على قصيدة الغزل ذات الطابع الروحي.
لقد كان الحب الروحي سبباً في تشرد جميل بثينة في بلاد الشام واليمن ومصر، لأن الحاكم أهدر دمه لادعاء أهل بثينة بأنه ما يزال يتغزل بها، ونتيجة هذا الاغتراب مات في مصر متأثراً بجراح حبه العظيم ولا غرابة أن يموت الشاعر العذري من أجل حبيبته إذا فقدها لأنها محور حياته، ولا خير فيها بعد موتها، وبهذا الصدد يقول مجنون ليلى:
ولا خير في الدنيا إذا أنت لم تزر حبيباً ولم يطرق إليك حبيب
فالليل عند الشعراء العذريين طويل، حيث ترتبط حركة الزمان بإحساس الشاعر العاشق، فالشاعر العذري يرفض الواقع ويعيش في الأحلام ثم يرفض الأحلام ليعيش في الجنون والقلق والعذاب الدائم، يقول جميل بثينة:
خليلي، فيما عشتما، هلا رأيتما
قتيلاً بكى من حب قاتله قبلي
فالحب عند جميل حبَّ أزلي قديم، تكوّن قبل أن يولدا، حيث نسمعه يقول:
تعلق روحي روحها قبل خلقنا
ومن بعد ما كنّا نطافاً وفي المهد
ولكنه باقٍ على كل حالة
وزائرنا في ظلمة القبر واللحد
فنلمح في هذين البيتين النزعة الافلاطونية والشطحة الصوفية التي تتأتى من خلال حب متمكن من قلب جميل حتى في حضرة الموت وظلمة القبر. فالحب عنده أمانة يجب المحافظة عليها فحبّه ليس صنعة ًبل هو سر كوني موجود قبل الولادة، كما أنه يجعل من بثينة سحراً يستطيع به أن يحيى الموتى:
مفلجة الأنياب لو أن ريقها
يداوى به الموتى، لقاموا من القبر
يعلق أدونيس على هذا البيت بقوله: هذا السحر اسميه السحر الواصل، أي السحر الذي يجعل من كل شيء استجابة للحب.
ومن الأهمية بمكان، أن /جميل بثينة /يسلك مسلك الصوفيين في حبه وغزله، فالشاعر العذري يصارع الأهوال في سبيل محبوبته، ويحاكي عالم الأحلام. فحبه لبثينة حب مبدأ وليس حب مجنون مسحور
يقولون: مسحور يجن بذكرها
وأقسم ما بي من جنون ولا سحر
وبعد، ان قصيدة الغزل بنوعيها – الحسي والروحي – نسيج متكامل، وميزة كل عصر، وما أحوج الشاعر إلى حبّ إنساني فطري… يعمق فينا نقاء القلب وصفاء الروح
شرح جميع نصوص اولى ثانوي بحوث مواضيع انشاء حجج تعبير انتاج كتابي ملخصات الدروس امتحانات تحليل مقالات ادبية من هنا