تاسعة أساسي: الحروب والآفات التي تهدد البشرية محور من شواغل عالمنا المعاصر
لا حديث اليوم إلا عن الحروب، تلك القضية المتجذرة في عمق التاريخ، التي ما فتئت رقعتها
تتسع يوما بعد يوم من أجل بناء حضارات دموية. وإن سأل أحدهم عن الحرب أُجِيبَ بأنها
دمــــــــــــــــار شامــــــــــــل)، خراب، قهر، ظلم واستبداد)
فالحرب تقضي على إنسانية الإنساني وتنفي عنه تَمَيُّزه بالعقل فينزل بذلك إلى مرتبة الحيوان
فقد جعل الله الإنسان خليفة في الأرض بفضل عقله الذي يدرك به السلبي والإيجابي. أمّا
الإنسان المحارب فيتحول إلى وحش كاسر مرعب غايته الوحيدة قضاؤه على عدوه من بني
البشر لا غير. وهناك من يرى أن حب الحرب مغروس في فطرة الإنسان فهي بذلك حتمية
بشرية. وهو ما أقرّه المفكر الفرنسي شارل دوبو بقوله “الحرب هي يوم يعود الإنسان إلى
طبيعته”. وتتسبب الحروب في دمار شامل وخسائر كارثية إذ أنه يقضي على الأبنية ويتسبب
في التشرد والأمراض والأوبئة. ناهيك أنه يمحي حضارة عريقة ويدمر تاريخ وطن بأكلمه
وهذا في حد ذاته كفيل بالتأثير سلبا على نفسية المواطنين. فلنلق نظرة على فلسطين والعراق
وسوريا، أتراها كانت بمثل هذه البنية التحتية لو عمها السلم منذ عقود ؟
هل من الممكن أن تصل وحشية الإنسان وضراوته إلى الإضرار بطفل بريء لا يفقه من
الأمور السياسية بل من الدنيا شيئا؟ نعلم جميعا أن الأطفال يستيقظون كل صباح على هديل
الحمام وتغاريد العصافير. لكن لننظر إلى الجانب الآخر من العالم، حيث يستيقظ الصغار يوميا
على أصوات المدافع والقصف والانفجارات.. تحيط بهم رائحة الموت والدماء في كل مكان
وتعصف ببراءتهم أشلاء الموتى وبقايا الأبنية. كل هذه الأشياء ستتحد حتما لإنشاء جيل جديد
لكنه معقد يخشى الموت ويهاب الحياة. بالإضافة إلى ما يتسبب فيه الحرب من فقر وتشرد
وجوع. فلننظر إلى مخيم اليرموك للسوريين ومخيم صبرة وشتيلة للفلسطينيين، ألم يؤثر فيك
نواح الأرامل وصراخ الأطفال لا يطلبون غير الدفء والأمان ؟ ألم تهزّك دموع الرجال شوقا
لأمن بلادهم وحنينا إلى ديارهم؟
نرى أن الدول ما أخذت تتنافس في تطوير أسلحة الدمار الشامل التي تهدد البشرية بالانقراض
كما حدث في هيروشيما عند إلقاء القنبلة النووية فقُتِل ما يقارب 240 ألف ضحية أو في
ناكازاكي عندما حُصِدت أكثر من 80 ألف روح بشرية بل أقرب من ذلك كله لنا الجزائر بلد
المليون شهيد
أليس من الأجدر أن يتحد العالم ضد عدو واحد ذي عدة أوجه منها الفقر والجوع والأمراض
المستعصية؟ أنفقت مليارات المليارات على الأسلحة في حين أن أطفال الصومال يموتون
جوعا يوميا ومرضى السيدا والسرطان يتعذبون يوميا خوفا من الموت المحقق. صدق من قال
أعطني الأموال التي أنفقت في الحروب وسأكسي كل طفل في العالم ملابس الملوك التي
يتباهى بها” فالفقر آفة تهدّد الإنسانية قيل فيها “لو كان الفقر رجلا لقتلته”. فهو يدفع المجتمع
إلى الانحراف وكما جاء في الأثر “كاد الفقر أن يكون كفرا” باعتبار أن الفقير غير المتعفف
يجيز لنفسه كل الوسائل من أجل لقمة العيش. اِعلمْ أن أكثر من نصف العالم يعيش تحت خطّ
الفقر. نرى تلك الإعانات الوهمية إلى الصومال أو المخيمات التي ما فتئت مسائل الإعلام
تضخم أمرها. فبِتـْنا ننام ونستيقظ على أخبار مساعدات قادمة من أمريكا، السبب الرئيسي في
الحروب، أو من بلدان الخليج التي يستعمل نفطها في قصف الفلسطينيين والعراقيين والمسلمين
ببورما. بينما لا تعد تلك الإعانات شيئا يذكر إذ أني أراها مجرد صور للنشر أو أخبار في
نشرة الأنباء بغية إخفاء الحقيقة عن بقية العالم (الساذج) فهي أقل من 1% من الميزانيات
التي تنفق على الأسلحة سنويا ولا تغطّي إلا حاجة عدد بسيط من المحتاجين. أما وجب علينا
إذن البحث عن حل جذري للقضاء على هذه الكارثة ؟ ألم نكتف بعد من صور الأطفال
يموتون جوعا؟ أما زال في وسعنا مشاهدة الآباء يقتلون أبناءهم حتى لا يتعذبون جوعا؟ هذا
ما نصّ عليه القرآن الكريم والأحاديث الشريفة حيث أن سيد محمد (صلى الله عليه وسلم) قال
لَيسَ مِنّـا مَنْ بَاتَ شَبْعَانـًا وَجَارُهُ جَائِعٌ” وقد حث ديننا بصريح العبارة على التضامن والتعاون
إذْ قال الخالق تعالى في الذكر الحكيم ” وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثمَ
وَالْعُدْوَانِ” وما جاء في الحديث النبوي من “المُسْلِمُ لِلْمُسْلِمِ كَالبُنـْيَان المَرْصُوصِ يَشـُدُّ بَعْضـَهُ
بَعْضا”. ولا شكّ في أن نهي الله عن الإفساد في الأرض وتشجيعه على السلم والسلام لم يكن
إلّا لعلمه مخلّفات الإفساد وسلبياته على البشرية. فاللين والرفق يصنع ما لا تصنعه الحروب
ولنا في فتح مصر خير مثال حيث أنّه تمّ بلا حتّى قطرة دم ولا مشهد عنف. وها قد أصبحت
أرض الكنانة الآن قلعــــــــــــة العروبـــــــــــــة الإســـــــــــــلام
اعتبارا لما سبق، يتضح أنّ على دول العالم أن تتّحد جميعا ضد عدوّ واحد.. فما الجدوى من
أخوان يتناحران وعدوّهما المشترك يعيش سالما في رخاء ونعيم ؟ على الأموال التي تنفق
على الأسلحة أن تغيّر وجهتها نحوالبحث عن حل للفقر والأمراض، ولو أني أعلم أنه سيبقى
حلّا جدّ موضوعيّ .. حتى يتسنى لكل البشرية أن تعيش في رفاهية مطلقة
سيظلّ الخوف على مصير البشرية قائما ما ظلّت الدول تتسابق في تطوير أسلحة الدمار وما
ظلّ الجوع يحصد أرواح المئات يوميا. ولا حلّ في اعتقادي إلا بتربية النشءِ الجديد على حب
الغير والسلم ونبذ العنف والفقر وتطوير الطب … فالحرب لا تستعر نيرانها إلّا باستعارها في
قلوب البشر حقداا وكرهاااا .. تابع شرح نصوص التاسعة اساسي محور من شواغل عالمنا المعاصر من هنا