شرح نص دع عنك لومي محور التجديد في الشعر العربي في القرن الثاني للهجرة
تحليل شرح نصوص ثانية ثانوي يندرج ضمن المحور الثاني
من كتاب النصوص عيون الأدب مع الاجابة على الاسئلة لغة عربية تحضير وتحليل
قصيدة دع عنك لومي لأبو نواس
شرح قصيدة دع عنك لومي لأبو نواس من كتاب النصوص عيون الادب تندرج
ضمن المحور الثاني سنة ثانية ثانوي تعليم تونس
شرح قصيدة ( دع عنك لومي ) لأبي نواس :
مناسبة القصيدة :
قال أبو نواس هذه القصيدة ردا على ( إبراهيم النّظام ) شيخ المعتزلة ، الذي كان يلومه على شربه
للخمرة ويبشره بجهنم
تمهيــــــــــــــــــــد
1- استهل الشاعر قصيدته بصرف ( النّظام ) عن اللوم ، لأن اللوم يزيد من الإغراء ، فهو يريد أن
يتداوى بالخمرة التي هي داؤه . وفي ذلك يقول
دع عنك لومي فإن اللوم إغراء وداوني بالتي كانت هي الداء
2- في القصيدة وصف للخمرة: لونها ، شعاعها ، بيان تأثيرها على شاربها ، ووصف للساقية ،
وذكر للإبريق
فقد وصف الخمرة وبين أثرها على الشارب بقولة :
صفراء لا تنزل الأحزان ساحتها لو مسها حجر مسته سرّاء
فأرسلت من فم الإبريق صافية كأنما أخذها بالعين إغفاء
رقت عن الماء حتى ما يلائمها لطافة وجفا عن شكلها لماء
فلو مزجت بها نورا لمازجها حتى تولد أنوار وأضواء
وأما ذكر الإبريق ووصف الساقية ، قال :
قامت بإبريقها والليل معتكر فلاح من وجهها في البيت لألآء
3- تظهر في القصيدة نزعة أبي نواس الشعوبية ، فهو يهزأ من بكاء شعراء العرب على الأطلال
في مطالع قصائدهم ، وهو يرى أن تجدد العيش في العصر العباسي يقتضي تجدد الشعر . وفي ذلك
يقـــــــــــــــول :
لتلك أبكي ، ولا أبكي لمنزلة كانت تحل بها هند وأسماء
4- وفي نهاية القصيدة يخاطب أبو نواس ( النظام ) ويقول له لا تحظر العفو ، لأن ذلك يزري
بالدين ويحقره . وفي ذلك يقول :
فقل لمن يدعي في العلم فلسفة حفظت شيئا وغابت عنك أشياء
لا تحظر العفو إن كنت امرأ حرجا فإن حظركه في الدين إزراء
مكونات مجلس الشراب في القصيدة : سؤال ( أ )
يتكون مجلس الشراب في القصيدة من خمرة ، ساقية ، فتية إبريق ، بيت وليل :
1- الخمرة : هي الداء والدواء ، صفراء اللون ، تذهب الأحزان وتدخل السرور حتى على الحجر ،
صافية ، تؤنس عين الشاعر وتبعث فيها نشوة كأنها نشوة الإغفاء ، أرق من الماء ، لطيفة ، إن
مُزجت بالنورتتولد الأنوار والأضواء
2- الساقية : غلاميه ، فتاة جميلة يشع النور من وجهها ، تحمل بيدها إبريقا تسكب منه الخمرة للفتيان
3- الفتية : فتية ( قدريون ) ، أحرار يفعلون ما يحلو لهم ، يؤمنون بأن الإنسان قادر على أن يصنع
تصرفه بنفسه ، حر ، يختار ما يشاء ، ويتصرف كما يشاء ، وهو ليس
مجبرا فحسب ، بل يخضع له القدر
4- الإبريق : وهو أداة الشراب . قد تكون الأباريق كعادتهم من الذهب أو الفضة
5- البيت : وهو عنصر المكان ( الخمارة : مكان شرب الخمر )
6- الليل : عنصر الزمان ، وفيه يحلو السمر والسهر
خروج الشاعر على التراث في القصيدة يتمثل بأمور هي :
1- إن الشاعر خرج على الدين وقيمه وأخلاقه ، فهو يجاهر بشرب الخمرة التي حرمها الإسلام ،
والتي اعتبرها هو داء ودواء في آن واحد
دع عنك لومي فإن اللوم إغراء وداوني بالتي كانت هي الداء
2- إن الشاعر خرج على مجتمعه بشعوبيته فدافع عن سلوكياته وعقائده وآرائه ، ففي قصيدتنا نزّه
الشاعر الخمرة من أن تشرب في خيام تروح عليها الإبل والشاء ذات الرائحة الكريهة . وفي ذلك
يقــــــــــــول :
حاشا لدرّة أن تبنى الخيام لها وأن تروح عليها الإبل والشاء
3- إن الشاعر خرج على النظام المألوف من التقاليد في بدء شعراء الجاهلية القصائد في البكاء على
الأطلال والغزل في النساء ( النسيب ) ، فافتتح قصيدته بذكر الخمرة وبكى عليها
دع عنك لومي فإن اللوم إغراء وداوني بالتي كانت هي الداء
لتلك أبكي ، ولا أبكي لمنزلة كانت تحل بها هند وأسماء
الصور الشعرية في القصيدة ( التصوير الذهني )
يستطيع القارىء للفصيدة أن يتصور الأحداث أمامه تمر كشريط سينمائي تظهر فيه حركة وجمالا
في جو يطفح بالمسرات . وهذه الصور تتمثل فيما يلي :
1- صورة اهتزاز الحجر عند ملامسته للخمرة . وهذه الصورة تمثل تأثير الخمرة على شاربها
وذلك بإدخال السرور على نفسه ، بحيث لا يخالط النفس حزن أبدا . وذكر الحجر دلالة على شدة
تأثير الخمرة على شاربها .
لو مسها حجر مسته سرّاء
2- صورة الساقية الجميلة المشرقة الوجه ، تدور على فتية تسقيهم الخمرة
فلاح في البيت من وجهها لألآء
3- صورة الخمرة الصافية ، الرقيقة ، اللطيفة المشعة
فأرسلت من فم الإبريق صافية كأنما أخذها بالعين إغفاء
رقت عن الماء حتى ما يلائمها لطافة وجفا عن شكلها لماء
فلو مزجت بها نورا لمازجها حتى تولد أنوار وأضواء
4- صورة الماء المنزاح عن الخمرة لرقتها
رقت عن الماء حتى ما يلائمها لطافة وجفا عن شكلها لماء
5- صورة الفتيان الأحرار الذين خضع لهم الزمن يفعلون ما يشاءون
دارت على فتية دار الزمان لهم فما يصيبهم إلا بما شاءوا
المواقف الحضارية والشعرية الجديدة في القصيدة :
تتمثل المواقف الحضارية والشعرية في القصيدة بأمرين
أولهما : موقف الشاعر الرافض للتمسك بمطلع القصيدة الجاهلية ، بالبكاء على الأطلال وذكر
الأحبة ، ووصف النساء ( النسيب ) ،واستبدال ذلك بذكر الخمرة والبكاء عليها ، ليوافق روح
العصر . فهو يرى أن البيئة الجديدة تقتضي أدبا وشعرا جديدين
دع عنك لومي فإن اللوم إغراء وداوني بالتي كانت هي الداء
لتلك أبكي ، ولا أبكي لمنزلة كانت تحل بها هند وأسماء
ثانيهما : التعريض بالعرب ، والاستهزاء بهم وبثقافتهم العربية الجاهلية ، وبتنزيهه الخمرة من
وضعها في الخيام وتلويثها برائحة الإبل والشاء
حاشا لدرّة أن تبنى الخيام لها وأن تروح عليها الإبل والشاء
الموقف الفكري لأبي نواس في الرد على لائمه ( النّظام ) :
بشر النظام أبا نواس بدخول بالنار ، وأن الله تعالى لن يغفر له ، كما أنه ادعى المعرفة في الدين
يقول أبو نواس للنظام : إعلم أن ادعاءك هذا مغلوط ، فمهما بلغت معرفتك في الدين فإنك لا تملك
أن تمنح العفو أو تحظره ، فإن الله تعالى هو الذي يملك ذلك ، فإن
حظرك العفو احتقار للدين وإساءة إليه
فقل لمن يدعي في العلم فلسفة حفظت شيئا وغابت عنك أشياء
لا تحظر العفو إن كنت امرأ حرجا فإن حظركه في الدين إزراء
ينبع موقف أبي نواس الفكري من نظرية المرجئة التي كان يحرص على ادعائها لأنها توافق
تصرفه وهي : ( إن الله لا يعاقب الناس على خطاياهم مباشرة ، بل يرجئ ذلك إلى يوم القيامة ،
وإن المؤمن إذا خرج من الدنيا على طاعة وتوبة استحق الثواب والعوض ، وإذا خرج من غير
توبة عن كبيرة ارتكبها استحق الخلود في النار ، وكان عقابه أخف من عذاب الكفار ) .
الوسائل والطرق التي وظفها أبو نواس لوصف الخمر في القصيدة
استعمل الشاعر في وصف الخمر الأمور التالية :
1 – حاستي البصر واللمس
2 – المقارنة بين الماء والخمر
3 – تأثيرها على من يشربها ومن ينظر إليها
4 – مجافاة الخمر للماء وامتزاجها بالنور
المبالغاـــــــــــــــــت في القصيدة
رقم البيت المبالغة الشرح / وجه المبالغة
3 فلاح من وجهها في البيت لألآء وجه الساقية يشع بالنور
2 لو مسها حجر.. المبالغة : تحويل الحجر إلى كائن حي يشعر ويتأثر عند ملامسته الخمرة .
5 رقت عن الماء … الخمرة أرق من الماء .
6 فلو مزجت بها نورا … الخمرة تلائم النور رغم كونها سائلة ، وفي مرحلة لاحقة تصبح مصدر النور
7 دارت على فتية دار الزمان لهم… الزمان يخضع للفتية وأصبحوا يتحكمون بقدرهم .
النعـــــــــــــــــوت المباشرة
صفراء ، معتكر ، صافية ، حرجا
النعــــــــــــــــــــــــــــوت التأويلية :
1 – لا تنزل الأحزان ساحتها لو مسها حجر مسته سراء
2 – كأنما أخذها بالعين إغفاء
3 – رقت عن الماء
4 – وجفا عن شكلها الماء
5 – فلو مزجت بها نورا
6 – دارت على فتية دان الزمان لهم
7 – كانت تحل بها هند وأسماء
التشبيــــــــــــــــــــه المباشر
كأنما أخذها بالعين إغفاء
في شطر هذا البيت : ( الخمرة تؤنس عين الشاعر وتبعث فيها نشوة ، كأنها نشوة الإغفاء )
فالشاعر كان يتذوق الخمرة بعينيه – أي : يمتع نظره فيها – بقدر ما ينعم بمذاقها .
التشبيه غير المباشر الذي تنطوي على مضمونه العبارات
1 – فلاح من وجهها في البيت لألآء . ( قرن الشاعر بين ألق الوجه والتلألؤ )
2 – فلو مزجت بها نورا لمازجها . ( قرن وماثل بينها – أي الخمرة – وبين النور )
الكنايــــــــــــــــــــــــــات في القصيدة
1 – ( الدُّرّة ) كناية عن ( الخمرة )
2- ( تبنى الخيام لها ) كناية عن ( شرب الأعراب للخمرة )
3- ( تروح عليها الإبل والشاء ) كناية عن ( الجو الذي لا يليق بالسكر وشرب الخمرة )
استخــــــــــــــــــــــــــدام حاسة البصر
استخدم الشاعر ما له علاقة بحاسة البصر في ثلاثة مواضع :
الموضع الأول : ذكره لون الخمرة ( صفراء ) كما تراه العين ، أو كما يراه الناس في الطبيعيةوهذا
الوصف ما درج عليه الشعراء في العصر الجاهلي
الموضع الثاني : ذكره إشراق وجه الساقية : ( فلاح من وجهها في البيت لألاء ) ، هنا ينقل صورة
وجه الساقية كما تراه العين مع نوع من المبالغة : وجه جميل ، مشرق ، مشع يضيء أركان البيت
(( مجلس الخمرة))
الموضع الثالث : ذكره صورة تأثير لون الخمرة على الناظر إليها ، قوله ( كأنما أخذها بالعين إغفاء
) . ينقل الشاعر صورة الخمرة في الكأس ، وكيف يشعر بالمتعة من يحملها ويدير الكأس بيده ،
يمعن النظر فيها قبل أن يتذوقها
أهميــــــــــــــــــــــــــــــة استخدام حاسة البصر في النص
تتمثل أهمية استخدام العبارات التي تتعلق بالعين بأمرين
1- نقل صورة محسوسة للقارئ والسامع لمشهد مجلس الشراب .
2- جعل صورة “مجلس الشراب” كائنا حيا ، متحركا ، يتفاعل القارئ معه ويحس كأنه هو فيه
3- بيان الأحوال النفسية للجالسين في مجلس الشراب ، وهذاا النوع من الشعر يعتبر تجديدا لم يكن
في الشعر الجاهلي نشأ عن استقرار حياة الأفراد في المجتمع العباسي مما جعل الشاعر قادرا على
التأمل والتعمق والتنبع للرعشات النفسية
موقف الشاعر من ذكر الأطلال والنسيب في الشعر الجاهلي
يرفض الشاعر استهلال القصائد بالبكاء على الأطلال ، وذكر الأحبة ، والغزل بالنساء أمثال هند
وأسماء ،واستبدال ذلك بذكر الخمرة والبكاء عليها ، ليوافق روح العصر فهو يرى أن البيئة
الجديدة تقتضي أدبا وشعرا جديدين ، وهو يستهزئ من العادات والتقاليد العربية القديمة ، ويستنكر
وجود الخمرة في خيام تروح عليها الإبل والشاء ، وينزهها عن أن تكون بمثل هذه الأماكن التي
تفوح منها الروائح الكريهة ، كأنه يريد أن يقول بوجوب شربها في بيوت يملأها الجمال والروائح
الطيبة : كالخمارات والقصور التي اعتاد ارتيادها . ( هذا رأي الشاعر ( الشعوبي ) الرافض
للثقافة العربية الجاهلية))
لتلك أبكي ، ولا أبكي لمنزلة كانت تحل بها هند وأسماء
حاشا لدرة أن تبنى الخيام لها وأن تروح عليها الإبل والشاء
(الأمر والنهي في القصيدة)
يتعلق الأمر والنهي في القصيدة بالمخاطَب ( النظام زعيم المعتزلة ) ، وذلك في في ثلاثة أبيات :
في البيت 1 الأول : ( دع ) فعل أمر
داونـــي / ، ( داو ) فعل أمر
في البيت10 العاشــــــــــــــــر : ( قل ) فعل أمر
في البيت 11الحادي عشر : ( لا تحظر ) ( لا ) أداة نهي