شرح نص لا تبكين على رسم ولا طلل محور التجديد في الشعر العربي في القرن الثاني للهجرة
تحليل شرح نصوص ثانية ثانوي يندرج ضمن المحور الثاني
من كتاب النصوص عيون الأدب مع الاجابة على الاسئلة لغة عربية تحضير وتحليل
قصيدة لا تبكين على رسم ولا طلل لأبو نواس محور التجديد في الشعر العربي في القرن الثاني للهجرة
شرح قصيدة لا تبكين على رسم ولا طلل لأبو نواس من كتاب النصوص عيون الادب تندرج
ضمن المحور الثاني سنة ثانية ثانوي تعليم تونس
التقديــــــــــــــــــــــــــم
لا تبكينّ على رسم و لا طلل للشاعر ابونواس
خمريّة من خمريّات أبي نواس تندرج ضمن محور: ” الشعر الجاهلي
الموضــــــــــــــــــــــــــــوع
ثورة أبي نواس على الوقفة الطلليّة و فلسفته في الحياة
المقاطـــــــــــــــــــــــــــــــــــع:
حسب معيار بنية القصيدة
1- من البيت الاول الى الثاني: الوقفة الخمريّة
2- من البيت الثالث الى العاشر: التغزّل بالخمرة
الشّــــــــــــــــــــــــــــــــــــرح
المقطع الأوّل: الوقفة الخمريّة
عُج/ اقصد: أمر يخرج عن معناه الأصلي- و هو طلب القيام بالفعل على وجه الاستعلاء- ليفيد الالتماس
لا تبكينّ: نهي يخرج عن معناه الأصلي- و هو طلب الكفّ عن الفعل على وجه الاستعلاء-ليفيد الالتماس
أمر + نهي: أسلوب إنشائي
إنّ توسّل الأسلوب الإنشائي وظيفيّ في هذا المقطع:1- الخطاب يُوهمنا في البداية أنّ مضمون
القول ناتج عن ” ثورة
عاطفيّة ” حرّكتها نوازع النفس و هواجسها
2- الشاعر يلتمس من مخاطَب مُفترض ( النديم/ القارئ ) أمرا ما، و هو ما يجعل الخطابَ فضاء
مُنفتحا يخرج من إطار الذاتيّة إلى إطار الغيريّة
عُج: عاج: مال و عطف
للوقوف على راح و ريحان: مفعول لأجله
ما: نفي ( معنى ليس )
الأطلال: ج. طلل/ آثار الدّيار بعد أن تركها أهلها
راح // ريحان // عقار: معجم الخمرة
يلتمس الشاعر من مُخاطبه أن يُغيّر وجهة سيره و ذلك بترك عالم الأطلال و التوجّه إلى حوانيت
الخمرة، و هو تغيير جسديّ ( عُج ) يُمثّل تصالحا مع نداء الذات و استجابة لشهواتها و غرائزها
تشبيــــــــــــــــــــــــــــــه
المشبّه: العقار
المشبّة به: عين الدّيك
الأداة: الكاف
وجه الشبه: الصّفاء و النقاء
إنّ عقد هذا التشبيه بين الخمرة و عين الدّيك يمكن أن يفسّر بطريقتين:
1- الخمرة تماثل عين الدّيك في الصّفاء و النّقاء
2- الخمرة إيذان بميلاد أمل جديد و حياة جديدة // عين الدّيك إيذان بميلاد فجر جديد و حياة جديدة
هذا الالتماس يعكس نظرة أبي نواس إلى هذين العالمين المتناقضين: عالم الأطلال / عالم الخمرة
الأطلال: ترمز إلى الموت + الفناء + العدم + اليأس + الحزن + الانكسار
الخمرة: ترمز إلى الحياة + الأمل + السعادة + الانتصار
مفاضلة الشاعر بين العالمين تتحدّد وفق هذا البعد الرّمزي الذي يحيط بهما.
نداء الخمرة هو تصالح مع غرائز الذات و نوازعها: إنّه تصريح
بالمسكوت عنه و محاولة ” شرعَنتِه “
هذه الدّعوة إلى ترك الوقفة الطلليّة و تعويضها بالوقفة الخمريّة في مستوى الواقع ستنعكس عند أبي
نواس في مجال القول الشعريّ، فالشاعر نراه ثائرا أيضا على بنية القصيدة الجاهليّة رافعا لواء التجديد فيها
هناك تحطيم للوقفة الطلليّة في مستوى الكتابة ( النصّ الشعريّ ) و تعويضها بوقفة خمريّة تستجيب
لأبعاد رمزيّة تحضر في ذهن الشاعر. و لكنّ هذا التجديد لم يكن قطعا نهائيّا مع القديم بل وُلِد من
رحِمه، ذلك أنّ أبا نواس قد حافظ على مفهوم ” الوقفة ” و لكنّه ألبسه لبوسا جديدا، فالوقفة الطلليّة
عوّضت بوقفة خمريّة.
هناك استبدال مضمونيّ فقط
التجديد ليس قطعا مع الماضي و لكنّه تطوير له
التجديد لا يُمكن أن ينتج من فراغ
المقطـــــــــــــــــــــــــع الثانــــــــــــــــــي
التغزّل بالخمرة
سيقوم الشاعر في هذا المقطع بوصف خمرته
بعض صفات الخمرة
الطهارة – عروس – عذراء – الجمال و القيمة – إكليل مرجان
الجمال و البريق – اليواقيت – الجمال و الإشراق عروس –
1- الموصوف واحد ( الخمرة ) و الصّفات متعدّدة: الخمرة هي مدار القول في هذا المقطع و هي
المركز الذي يشدّ جميع عناصر الطّبيعة إليه و هذا ما يُساهم في إضفاء بُعد قدسيّ عليها
2- استنفار مختلف الحواس للإحاطة بهذه الخمرة- الأنموذج التّي لا يوجد لها مثيل و لا نظير: إنّها
خمرة مُفارقة تتأسّس من خلال عمليّة تجميع لمواطن القوّة و الجمال في بقيّة الكائنات و الأشياء، و
كأنّ الشّعر بهذا المعنى إعادة تشكيل لمواطن الجمال في الكون بعد أن استحال فعل خلق جديد
عمليّة أسطرة الخمرة ( جعلها أسطورة )
3- يبتني الوصف للخمرة صورة نورانيّة تقوم بامتصاص عناصر قوّتها و تألّقها من الطبيعة من
ناحية و تتجاوز هذا العالم لتُجسّد تميّزها و فرادتها في الشّعر و بالشّعر من ناحية أخرى
4- هناك تقاطع بين عالم المرأة و عالم الخمرة في هذا المقطع، و كأنّ المرأة تستحيل خمرة و
الخمرة تستحيل امرأة ( الجامع بين العالمين: الجمال و اللذّة )، و هو ما يجعل وصف الخمرة نوعا
من التغزّل بمحاسنها و مرادفا للتغزّل بمحاسن المرأة
لقد حافظ الشّاعر على قسم النسيب ( الذي خضعت له بنية القصيدة الجاهليّة النموذجيّة ) و لكنّه
غيّر مُحتواه، فعوض أن يكون تغزّلا بالمرأة أصبح تغزّلا بالخمرة، و هو ما يدعّم ما قُلناه سابقا حول
مقولة التجديد في نطاق القديم
المقطـــــــــــــــــــع 3:
فلسفة الشّاعر في الحياة
تشبيه:
الأداة: مثل
المشبّه: صورة فقاقيع الخمرة في وجه شاربها
المشبّه به: صورة الدّبى في القشّ
وجه الشبه: الإحاطة + الشمول
احتساء الخمرة طقس جماعيّ يخضع لمعاني التهافت و التكالب و التزاحم
بداية فقدان الوعي
معنى الانتشاء
حتّى: انتهاء الغاية الزمانيّة
انتطحت: استعارة
خلنا: ظننا
الظليم: ذكر النعام
تكمن فلسفة الشاعر في الحياة في النقاط التّالية
إنّ الموت قدر مُتغوّل مُتربّص بالذات الإنسانيّة ( معنى تقليدي نجده عند الشعراء الجاهليين
طرفة بن العبد مثلا
إنّ العقل ( الوعي ) هو الذّي يُنغّصُ حياة الإنسان بما أنّه المَلَكَة التّي تشعره بوطأة الزّمن: العقل هو
الذي يجعل الإنسان مفعولا به على المستوى الوجودي الأنطولوجي ( يخضع للمواضعات القائمة )
يُرسّخ عبوديّته الماديّة / سجن الجسد
يتحوّل احتساء الخمرة إلى فعل تحرّر، بما أنّه خروج عن منطق العقل و أحكامه ( الوعي/
الخضوع لسنّة التبدّل و التغيّر ) و معانقة لعالم جديد- بديل تتحقّق فيه فاعليّة الذّات و مُستطاعها
تكسير منطق الوعي عن طريق ابتناء عالم جديد يسكُنُ الذات مُنطلقا و مآلا ( هذا التكسير يتمّ عن
طريق بعثرة نظام الموجودات و إعادة تشكيلها من جديد وفق أحكام الذات المُنشئة و الفاعلة )
البناء عند أبي نواس هو تفجير للموجود و تشظية لمكوّناته، و من ثمّ إعادة تركيبه من جديد وفق
منطق فريد متصالح مع أحكام الذات و أهوائها
هـــذه الفلسفـــة التّي تقوم علـــى إعلاء النزعة الذاتيّة تُناقض كلّ ممارسة وثوقيّة و اتّباعيّة