شرح نص قصيدة أخي المحور الثالث شرح نصوص من شواغل عالمنا المعاصر 9 اساسي
تحضير نص قصيدة أخي تاسعة اساسي مع الاجابة على جميع الأسئلة حجج لميخائيل نعيمة
شرح لقصيدة “أخي ” لميخائيل نعيمة
نص بعنوان “أخي” قصيدة ميخائيل نعيمه، فعنده سنجد ما نريد، كنوزاً ال -مثيل لها في لغتنا، كنوزاً تثبت في المقارنة
ألروع شعر قصيدة وطنية قيلت في أواخر الحرب الماضية أو بعدها، فهي إذن مما نُسميه أدب المالبسات الذي كثيراً
ما نتناقش في إمكان اعتباره أدباً خالداً أم ال، وفي فنائه بانقضاء ظروفه أم بقائه بعدها، بل في طبيعة هذا البقاء أهو
على نحو ما تبقى الوثائق التاريخية مغبرة في دار المحفوظات أم كأدب دائم الحياة دائم الهز للنفوس؟أخي؟ إنْ ضجّبعد
الحرب غربيٌ بأعمالهوقدَس ذكر من ماتوا وعظم بطش أبطالهفال تهرج لمن سادوا وال تشمت بمن دانابل اركع
صامتاً مثلي بقلب خاشع دام لنبكي حظ موتانانفَسٌ مرسل وموسيقي متصلة، فالمقطوعة وحدة تمهد لخاتمتها، وفي هذ
ا ما يشبع النفس
أال ترى كيف يعدك للصورة التي يدعوك إلى مشاركته فيها! إذا ضج الغربي بأعماله وقدس موتاه وعظم أبطاله، فال
تهزج للمنتصر، والتشمت بالمنهزم، ألنه ال فضل لك في هذا وال ذاك، وما أنت بشيء، وأنت أحق بأن تحزن، وأجدر
بأن يخشع قلبك فتركع صامتاً لتبكي موتاك، أية ألفة في الجو، وأية قوة في إعداده؟”أخي!” فأنا إذن شريكه في
اإلنسانية، وأنا قريب منه وهو قريب مني، ومتى قربت استطاع أن يهمس ألنني سأسمعه، وسيُشجيني صوته الرقيق
القوي المباشر، وهو ينقل إليّ قوة إحساسه بفضل قدرته على اختيار اللفظ الذي يستنفد اإلحساس “إنْ ضج غربي
بأعماله” والضجيج لفظ بالغ القوة لجرس
حروفه وقوة إيحائه، وهو يضج “بأعماله” ال “بالمبالغات الكاذبة” الغربي
فيها قدسية -يقدس ذكر من ماتوا” وهذه ألفاظ لينة جميلة مؤثرة غنية الدين، فيها نبل الوفاء، فيها جالل الموت
- وهو “يعظم بطش أبطاله”-مشاعر شتى تجمع إلى النفس ثروة رائعة
أعد هذه -أي قوة في تتابع هذه الحروف المطبقة ظاء ثم طاء وطاء الجملة على سمعك ثم انصت إلى قوتها التي تمأل
فمك، كما تمأل األذن -ثم إن التعظيم غير التحية أو التبجيل، والبطش غير الشجاعة أو اإلقدام
البطش شيء يصعق وهو يدعوني إلى “أال أهزج لمن سادوا” والهزج غير الفرح، إنّ الهزج غناء، والسيادة لفظ حبيب
إلى النفس وكأنّه مثال تهفو إليه، ولهذا فهو يحركها وله فيها أصداء مدوية “وال تشمت بمن دانا” والشماتة شعور
خسيس تركز في هذا اللفظ لكثرة مروره بنفوسنا جميعا،
وما أحقرها شماتة تلك التي نستشعرها -لفظ يحمل شحنة من اإلحساس لمن دان! نعم ما أحقر أن نشمت من جثة هامدة!
بل مالي أضعف من قوة الشاعر وفي قوله: “من دانا” ما يثيرني فوق ما تثيرني الجثث واألشالء؟
ألن “من دانا” قد ذل والذل أشق على النفس من الموت، والموت كرامة ليس لي إذن أن أهزج لمن ساد، أو أن أشمت -إذ
لم يكن بدّ من الهوان بمن دان، وإنما عليّ أن أركع مثل الشاعر، صامتاً بقلب خاشعٍ دامٍ لنبكي
ونحن بشر تستطيع أقالمنا أو ألسنتنا أو – وهذه نغمات دينية-حظ موتانا عقولنا أن تهذي كما تشاء، وأما قلوبنا فمؤمنة،
واللهفة إلى اهلل ال تكاد تُفارقنا حتى نعود إليها، وبخاصة إذا قست علينا الحياة أو قسونا نحن – وها نحن اليوم يقودنا
األلم إلى كنف اهلل-على أنفسنا
الغربي يقدس ذكر موتاه ويعظم بطش أبطاله، فمالي أنا أهزج لمن ساد وأشمت بمن دان وما أنا بشيء؟ وإنه لعزيز على
كل نفس أال تكون شيئاً، وما أخلقني عندئذ أن ألتمس رحمة ربي أنا وأخي الذي يجمعني به األلم ونحن سنركع –
اإلنساني المشترك، ذلك الذي ال يعرف وطناً وال قومية
أنصت إلى كل هذه الكلمات! أنصت إليها -صامتين، خاشعة قلوبنا الدامية واستشعر جاللها، استشعره بقلبك ثم تصور
الصورة وما فيها من جمال سنركع صامتين، -التصوف ورهبة الدين ونبل الخشوع الصامت الدامى
صامتين، ألن خشوع الموت -ألن اهلل سيعمر قلوبنا، وقد خلت إالّ منه موت يدمي القلوب -سيملؤنا رهبة وهو بعد موت
قد حرّم حتى العزاء -ويعقد اللسان؛ ألن إخواننا لم يصيبوا مجداً وال رفعوا للوطن ذكراً
الموت محنة فكيف به إذا لم يخلف عزاء؟ كيف به إذا لم يرفع من قلب أو هذا – حظهم المؤلم التعس المحزن-يخلد أثراً؟
تعاليى إذن نبكِ حظ موتانا هو الشعر الذي ال أعرف كيف أصفه؟، فيه غنى صادر عما تحمل األلفاظ من إحساسات
دقيقة صادقة قريبة من نفوسنا، أليفة إليها، -إحساسات ركزناها منذ أجيال
عزة الغربي المجاهد الشجاع اليقظ، ثم ألمنا وقد أصبحنا ال نجد أمامنا سوى الركوع خاشعين والبكاء في صمت على
إخواننا المهدرين أو ال ترى كيف أن ضجيج -وتتراوح المشاعر المختلفة فتزداد قوة
الغربي بأعماله وتقديسه لذكر موتاه وتعظيمه لبطش أبطاله قد زاد من حزننا مرارة؟ وأخيراً فيه الموسيقى: الشعر من
“بحر الوافر” ولكنه متّصل باتصال اإلحساس حتى ال أكاد أرى فيه ذلك اإليقاع الذي يفسد الكثير من موسيقى شعرنا
عندما تستقل األبيات: موسيقاه مما يسميه : األوربيون ترنيما وفي هذا ما يماشي الحزن المتصل واأللم الخشوع
إنْ عاد بعد الحرب جنديٌ ألوطانهوألقى جسمه المنهوك في –أخي أحضان خالّنهفال تطلب إذا ما عدت لألوطان خالناألن
الجوع لم يترك لنا صحبا نناجيهم سوى أشباح موتاناوها نحن من جديد أنا وأخي، نشهد الجندي يعود إلى أوطانه، ومن
اغترب يعرف معنى هذه العودة، فما بالك إذا كانت عودة تستنقذك من مخالب الموت؟ والجندي يعود مكلالً بعزة
النصر، فيلقي جسمه “المنهوك” في “أحضان خالنه” لست أدرى ما مصدر التأثير في البيت، أهو في هذه المدَات
الثالث: “منهوك – أحضان – خالن” التي توحي بالتأسي والراحة والحنان، أم هو في إلقاء المنهوك جسمه بين أحضان
خالنه؟ جسم منهوك “يلقى” بين األحضان، أي صدق في العبارة؟ وأي صدق في التأثير؟ ثم أي تجسيم للصورة التي نكاد
نراها؟ وأما نحن فسنعود من الحرب منهوكين، كما يعود كل الجند،
ولكننا لن نلقى خالنا تتلقانا أحضانهم، وأنَى لنا بهم والجوع لم يترك لنا صحباً نناجيهم سوى أشباح موتانا؟ أبعد هذا
نختلف في حقيقة الشعر، ونروح نهذي بفحولة العبارة وجدّة المعنى، واشراق الديباجة؟ أبعد هذا نتخبّط في معنى
األدب، فيذهب البعض إلى أنه الحثّ على مكارم األخالق والعدل االجتماعي واصالح النظم؟؟ ودع عنك ما في قوله “ثم
ما لو لم” فهذه أربعة مقاطع أو خمسة مقاطع متالحقة ومنفصلة تكثر فيها الميمات؛ لذا فهي صعبة النطق في انسجام، ثم
انظر فيما دون ذلك -“فالبالء قد عم”، ألفاظ قوية تعبّر عن إحساس قوي
وما ينبغي لنا أن نندب وإالّ أضفنا الحمق إلى األلم، ومتى أنصتتْ أذن الغير إلى شكوى الناس، وبخاصة إذا كان هؤالء
الناس ممن ال يهمهم أمرنا؟ وإذن فليس لي إالّ أنْ آخذ الرفش والمعول، وأن أتبع أخي الذي
من منا ال يرى هذه الصورة -يدعوني في أسى إلى أن نواري موتانا المحزنة؟ من منا ال يحس بدعوة األخ ألخيه، كي
يتبعه وقد سار إلى الجثث الملقاة في العراء في خطى متثاقلة، معوله على كتفه وأخوه من خلفه واجم النفس حزين
الفؤاد؟والشاعر ال يكتفي باألموات بل يهم بضم األحياء إليهم، وقد تهيأ الجو وحميت األنفاس فإذا به في القمة، وتأتي
القصيدة وحدة موسيقية نفسية تنتظم مقطوعات موحدة ال يزال بعضها يكمل بعضاً، وتنمو بنمو اإلحساس المتصاعد
إلى األشباح حتى تستقر
ال وطنٌ وال أهلٌ والجارُإذا نمنا، إذا قمنا، -نفس الشاعر:أخي! من نحن ردانا الخزيُ والعارُلقد خمَتْ بنا الدنيا كما خمّتْ
بموتان ا فهات الرفشَ واتبعْني لنحفر خندقاً آخر نوارى فيه أحياناوهذه هي ولكني لستُ أدرى هل توحي -المقطوعة
األخيرة التي بلغت غاية األلم إلى القارىء بما توحي به إليّ أم ال؟ إني أحس فيها إثارة لهمتي وتحريكاً -لمعاني العزة
في نفسي
فأنا ال أومن بأن الدنيا قد خمت بنا، كما خمّت بموتانا، وأنا ال أرضى أنْ إن في هذه النغمات ما يلهب وطنيتي بل
إنسانيتي، -أُوارى التراب حياً والشاعر بعد لم يعظ ولم -وهكذا تنتهي القصيدة إلى هذا الدرس النبيل يُشد بالوطنية، وال
دعاني إلى شيء من تلك المعاني الضخمة التي نتشدق بها، وإنما أشعرني ببؤسي و “مالي وطن وال أهل وال جار”
وما أرتدي -إن نمت أو قمت غير رداء
ويذهب آخرون إلى أنه األفكار العظيمة والتفكير الكبير والصنعة المدهشة واألسلوب الفني!!أخي! إن عاد يحرث أرضه
الفالح أو يزرعْلبيني بعد طول الهجر كوخاً هذه المدفعْفقد جفَتْ سواقينا وهدَ الذلُ مأواناولم يترك لنا األعداء غرساً في
أراضينا سوى أجياف موتاناأية بساطة في التصوير؟ وأي قرب من واقع الحياة؟ تلك التي تعضني وتعضك: حياة الفالح
الذي يحرث ويزرع بعد أن يبني “كوخه” من جديد؛ وأما نحن فقد “جفت سواقينا – سواقينا التي ألفناها-عبارة ساذجة، ولكن كم لها في النفس من أثر ولقد “هد الذل مأوانا” ثالثة ألفاظ -سواقينا العزيزة التي خلفها لنا اآلباء قوية نافذة جبارة، ال
تستطيع أن تستبدل بأي منها غيره دون أن تفسد الشعر وتذهب بقوته، “هدّ الذل مأوانا” فهو لم يهدمه والهدم شيء
مبتذل وهو قد هدّ مأوانا، فلم يهد بيتنا وال -“هد” لفظ موجز مركز موح مصور
هد مأوانا الذي نحتمي به -دارنا وال منزلنا وال قريتنا بل وال وطننا ثم ما الذي هدّ هذا المأوى؟ إن الحرب لم -ونستر
خلف جدرانه آالمنا تهدّه، واللبنيانه من جديد، كما سيبني فالح الغرب كوخه، إنّما الذي هدّه لفظ بغيض مخيف مثير، هدّ
الذل -هو الذل؛ لفظ دالٌ ثقيل، ثقيل كالصخر مأوانا، ولم يترك لنا األعداء غرساً في أراضينا غير أجياف موتانا، وما
آلمه من غرس! تلك الجثث الهامدة، التي ترقد تحت التراب في غير مجد أخي! قد تم مالو لم نشأْهُ نحن ما تـمّاوقد عمّ
البالءُ ولو أردنا -وال عزاء نحن ما عمّافال تندب فأُذْنُ الغير ال تصغي لشكوانابل اتبعني لنحفر خندقاً بالرفش
والمعول نواري فيه موتاناالخزي والعار
إنني -لقد هم الشاعر بأن يدفنني حيا، فنفرت عزتي وهاجت شجوني
أقوى نفساً وأعزّ جانباً، وأحمى شجاعة وإن كنت قد أدركت بؤسي، بل واآلن أليس هذا هو الشعر -ربما ألنني قد أدركت
مدى ذلك البؤس المهموس الذي ندعو إليه؟ أليس هذا هو الشعر اإلنساني الذي نهتز
إنّ بينه وبين الكثير من شعراء مصر قرونا، وإنّه لمن الظلم أن -لنغماته يرتفع بعد ذلك صوت يحاول أن ينكر على
هؤالء الشعراء، نعيمة وإخوانه بالمهجر، أنهم هم اآلن شعراء اللغة العربية، وأن شعرهم هو -الذي سيصيب الخلود